رواية التوأمتان أثير وأسيل الفصل الثاني 2 بقلم سلمى محمد

الحلقة الثانية
أثير قالت بخفوت وهي تنظر إلى خالتها بدعيلها يا خالتي ربنا يهدي أسيل
تحية ردت عليها بنبرة مليئة بالحنان والله بدعيلكم من قلبي ربنا يهدي أسيل وترجع عن الطريق اللي ماشية فيه
لكن فجأة تحية سكتت قطعت حديثها في منتصفه وبدت ملامحها متوترة عينيها معلقتان على الطفل الصغير الذي تحمله أثير
أثير لمحت النظرة الغريبة فسألت بقلق مالك يا خالتي بتبصي ليحيى كده ليه
تحية سألتها ببطء واستغراب ابن مين العيل اللي شايلاه على كتفك
أثير ابتسمت باستغراب وقالت ده يحيى أخويا يا خالتي
لكن تحية لم تكن تسمع جيدا أو أنها كانت تائهة في عالمها قالت بعتاب ما كانش العشم يا أثير يعني تتجوزي وتخلفي من غير ما تقوليلي
أثير ارتبكت وقالت بصوت متوتر خالتي بالله عليكي ركزي معايا أنا ما اتجوزتش خالص
أثير وضعت يدها على رأسها وقالت بيأس يا لهوي عليا أنا يا خالتي كده هتجيبيلي مصيبة
لكن تحية لم تهدأ وظلت تصرخ يا مصيبتي يا تحية
أثير حاولت تهدئتها وقالت يا مصيبتي يا أثير إيه اللي جرالك فجأة يا خالتي من شوية كنتي بتدعيلي أنا وأسيل
تحية قالت بحدة أنا كنت بدعي عليكم ربنا يريحني منكم الاتنين
أثير اقتربت منها
تحية ردت بمرارة ما خلاص
أثير نظرت إليها بحزن وقالت لا يا خالتي الحالة اللي إنتي فيها دلوقتي ما ينفعش نسكت عليها لو كنت بتنسي مكان الحاجة كنت بقول لنفسي عادي بس دلوقتي الوضع اختلف إنتي كده هتلبسيني مصيبة
تحية صاحت بغضب قولي بقى إنتي عايزة تجننيني
أثير توسلت بصوت منخفض بالله عليكي اهدي شوية يا خالتي
تحية نظرت إليها وقالت بحدة هو إنتي شايفاني مجنونة
أثير قالت بسرعة وهي تحاول تدارك الأمر العفو يا خالتي أنا ماقصدش كده طب إيه رأيك تلبسي ونخرج سوا نروح مشوار
في تلك اللحظة تحية سكتت فجأة وكأنها عادت إلى وعيها ونظرت إلى أثير بابتسامة حنونة وهمست إنتي كنتي بتقولي إيه يا حبيبتي من شوية
وضعت أثير يديها على رأسها وتنهدت بألم آه آه يا دماغي
سلامة دماغك يا حبيبتي روحي افتحي الدرج اللي هناك وخدي قرص للصداع قالتها تحية بحنان
أثير تذكرت هدفها فقالت آه افتكرت يلا يا خالتي البسي علشان هنروح مشوار
مشوار إيه يا حبيبتي
خليها مفاجأة يا خالتي
في المستشفى أجرت أثير جميع التحاليل والفحوصات التي طلبها الطبيب
بعد قليل جلست أثير وتحية أمام الطبيب داخل العيادة
قال الطبيب بنبرة جادة التحاليل والأشعة بتقول إن خالتك عندها نوع من أنواع الخرف بس النوع ده مش دائم وده أهم حاجة
أثير نظرت له في قلق يعني إيه مش فاهمة
أوضح الطبيب وهو يشير إلى التقرير اللي عند خالتك اسمه خرف قابل للعلاج وده بيحصل لما بيكون فيه التهاب مزمن في الغدة الكظرية ومعاه نقص في بعض الفيتامينات زي B12 الحالة دي بتأثر على الذاكرة بتخليها تنسى الأحداث القريبة وتتصرف تصرفات غريبة وبعد شوية ترجع تتكلم بمنتهى العقل كأن مفيش حاجة حصلت
يعني كده خالتي ممكن تخف سألت أثير
أجاب الطبيب مطمئنا بإذن الله النوع ده من الخرف بيتحسن مع العلاج وخاصة لو اتعالج السبب هي هتاخد علاج للغدة الكظرية ومكملات فيتامينات ومع الانتظام هترجع لحالتها الطبيعية
ثم ناولها الروشتة اتفضلي دي خطة العلاج تابعوا معايا بشكل دوري وإن شاء الله كل حاجة ترجع كويسة
أخذت أثير الروشتة وقالت بامتنان متشكرين جدا يا دكتور
خرجت أثير من المستشفى تمشي بجانب خالتها وبينما هما في الطريق قالت تحية بنبرة عتاب
كده يا أثير توديني لدكتور مجانين من غير ما تقوليلي
أثير نظرت لها بحنان وقالت معلش يا خالتي ما تزعليش
تحية تنهدت وقالت بهدوء خلاص يا أثير أنا مش زعلانة علشان عارفة إنك بتعملي كده لأنك خايفة عليا
قالت أثير برقة بعد إذنك يا خالتي أنا عايزة أروح عند أسيل النهاردة علشان خاطري يا خالتي
ردت تحية خلاص روحي بس ما تطوليش هناك
ابتسمت أثير وهي تقول أنا بحبك وانتي أحن وأطيب خالة في الدنيا كلها
عند أسيل لم يكن في الشقة ما يدل على حياة تعاش
الأثاث جديد أنيق لكنه بارد لا دفء في الزوايا ولا أثر لألفة
كان الصمت يملأ المكان لا كراحة بل كعزلة ثقيلة كأن الجدران نفسها تنكمش على بعضها من الوحشة
رن جرس الباب
نهضت أسيل بتثاقل فتحت فوجدت أثير أمامها
تلاقت نظراتهما للحظة صامتة مشحونة بما لا يقال
ثم دخلت أثير دون استئذان وقفت في منتصف الغرفة نظرتها تتجول في المكان ثم استقرت على أختها التي عادت وجلست في زاويتها المعتادة وكأن شيئا لم يكن
قالت أثير بصوت يحمل خليطا من العتاب والخوف
إنتي خلاص نسيتي إن ليكي أهل يا أسيل
ولا حتى فكرتي تتصلي بيا وتطمنيني عليكي
رفعت